.. أعترف بعد عمر طويل أنني على درجة كبيرة من السذاجة، حيث لم أفهم بحجم عمري أننا نتخاطب مع البشر بألقاب التبجيل بينما نقول عن سيد البشر: محمد هكذا مجردا وكأننا نخاطب شخصا عاديا لا قيمة له ولا منصب!! وننسى أننا نخاطب سيد أسياد البشر ــ صلى الله عليه وسلم ــ الذي أمرنا الله جل جلاله بالصلاة والسلام عليه وتبجيله وتوقيره في محكم التنزيل في آيات واضحات صريحات ليس فيها لبس فقال عز من قائل: «إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما». (الأحزاب 56). ويقول جل جلاله في سورة النور: «لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا».. (الآية 63). وخص سبحانه وتعالى مقدمة سورة الحجرات لعتاب الصحابة رضوان الله عليهم وتقريعهم من الآية الأولى إلى الآية الخامسة بشكل واضح وصريح أيضا. في الأولى قرن الله جل جلاله بين ذاته العلية وبين رسوله الكريم فقال سبحانه: «يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي الله ورسوله».... وفي الآية الثانية يقول الكريم الوهاب: «يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لاتشعرون». ثم في الثالثة: «إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم». وفي الرابعة: «إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون». وفي الآية الخامسة يقول سبحانه وتعالى: «ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم والله غفور رحيم».
ولا أريد أن أضيف لأن هناك الكثير من الشواهد التي تدل على عظمة سيدنا محمد ــ صلى الله عليه وسلم ــ ومكانته عند الله جل جلاله فهو خاتم النبيين والحبيب والشفيع.
ولأننا في هذه الأيام المباركة نحتفي بمولده الكريم ــ صلى الله عليه وسلم ــ فإنني أحاول أن أشير إلى هذا الخلل الواضح في التخاطب. وقد سبقني إلى ذلك الكثير من الغيورين والمحبين له ــ عليه الصلاة والسلام.
****
مختارات من قصيدة ذكرى المولد لأمير الشعراء أحمد شوقي:
تجلى مولد الهادي، وعمت
بشائره البوادي والقصابا
وأسدت للبرية بنت وهب
يدا بيضاء طوقت الرقابا
لقد وضعته وهاجا، منيرا
كما تلد السماوات الشهابا
فقام على سماء البيت نورا
يضيء جبال مكة والنقابا
وضاعت يثرب الفيحاء مسكا
وفاح القاع أرجاء وطابا
أبا الزهراء، قد جاوزت قدري
بمدحك، بيد أن لي انتسابا
فما عرف البلاغة ذو بيان
إذا لم يتخذك له كتابا
مدحت المالكين، فزدت قدرا
فحين مدحتك اقتدت السحابا
سألت الله في أبناء ديني
فإن تكن الوسيلة لي أجابا